حملات توعوية
نحو تأمين صحي عادل وشامل
7 أبريل 2022

حملة

"نحو تأمين صحي شامل وعادل"

مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد) بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان

2022-2024

 

 

اسم المشروع: نحو تغطية صحية شاملة

المنفذون: مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان

مدة المشروع: 3 سنوات

الهدف العام للحملة: ضمان حصول جميع المواطنين/ات، على التغطية الصحية الشاملة وفق المعايير الدولية (الجودة، المقبولية، الوصول وعدم التمييز) بعدالة وشفافية.

 

مبررات الحملة:

  • الحصول على العلاج، والتأمين الصحي حق لكل مواطن وليس منّة تقدم من الحكومة، كما أنها لا تقدم حسب ميزانية الحكومة ومواردها المتاحة، بل يجب العمل على تأمينها كشيء أساسي، وكحق مكفول للمواطن، ليس من باب الخدمة.
  • عدم نشر كافة القرارات المتخذة بخصوص التأمين الصحي، على الصفحة الرسمية لوزارة الصحة، وفي الجريدة الرسمية (الوقائع)، لسهولة الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالتأمين من قبل المواطن، ولعدم إرباكه في المعاملات بين المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة، والمستفيدين من الخدمات التي يوفرها التأمين.
  • التعامل مع الخدمة الصحية كرد فعل آني.
  • توزيع العاملين الصحيين لا يتناسب مع احتياجات كل منطقة سواء في الضفة الغربية، أو في قطاع غزة.
  • صعوبة المواطنين الذين بحاجة إلى علاج، على جوازات السفر والتصاريح اللازمة للسفر والتنقل من قطاع غزة.
  • التغطية الصحية غير متناسبة مع مستويات الدخل، للتخفيف من العبء الاقتصادي الناتج عن الرعاية الصحية.
  • عدم التركيز على كافة الفئات الاجتماعية وضمان تأمينها صحياً.
  • الانفاق الحكومي على القطاع الصحي ونسبة الإنفاق من الموازنة العامة غير كاف.
  • ضرورة إعادة النظر بالاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال الإسرائيلي، لوقف ابتزاز الجانب الإسرائيلي في المجال الصحي، والاعتماد على الجهود الصحية الفلسطينية.
  • التمييز بين المواطنين الفلسطينيين بناء على الموقع الجغرافي، لأن المرسوم رقم 18 لسنة 2007، الذي أعفى بموجبه كافة المواطنين في قطاع غزة إعفاءً كاملاً من كافة رسوم الخدمات التي تقدمها وزارات وهيئات ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية.
  • عدم وجود توعية للناس بضرورة وجود التأمين الصحي للمواطن، على كافة الوسائل المسموعة والمقروءة والمرئية.

أهداف الحملة:

  • الضغط باتجاه إعادة تنظيم الأطر التشريعية لنُظم التأمين الصحي، بحيث يتم إعداد مقترح قانون للتأمين الصحي يستند الى شمولية التغطية والخدمات، ويقترح آليات تمويل ميسورة التكلفة وعادلة، يساهم الأفراد والحكومة في تمويلها، وإنشاء إدارة قوية قادرة على إدارتها.
  • الضغط من اجل إنشاء مؤسسة / هيئة وطنية لتنظيم وإدارة التأمين الصحي، تضع وتنفذ الاستراتيجيات والإجراءات الكفيلة بتقديم خدمة الرعاية الصحية، وتنظيم آليات تمويلها عبر صندوق وطني يساهم فيه المواطنون والدولة بناءً على دراسات مالية واكتوارية، بحيث لا يضار المواطنون بصحتهم.
  • الاستفادة من نتائج التحقيق الشامل، والدراسات والتقارير السابقة المتخصصة بالرعاية الصحية، وتلك المتعلقة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشعب الفلسطيني، لبناء تأمين صحي يتجاوب مع واقع واحتياجات الفلسطينيين المختلفة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، والانقسام الفلسطيني. وفي هذا الإطار سيتم إطلاق حملة وطنية هدفها التوعية على ضرورة إقرار نظام تأمين صحي شامل مقارنة بوضع نظام التأمين الصحي الحالي.
  • حث الاطراف المختلفة على ضرورة القيام بالتفاهمات اللازمة مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لاستمرار تقديمها لخدمة الرعاية الصحية للاجئين الفلسطينيين، وضمان عدم حدوث ازدواجية في تقديم الخدمة، أو التمويل، مع ضرورة القيام بالتفاهمات اللازمة مع مقدمي خدمات الرعاية الصحية في القطاع الخاص في ذات الوقت.
  • حق كبار السن بالتأمين الصحي: لم يعتبر نظام التأمين الصحي كبار السن فئة مستقلة، بحيث يتوجب تقديم الرعاية الصحية لها دون ربطها بالأسرة، حيث نص النظام على انتفاع الآباء والأمهات الذين بلغوا الستين عاماً فما فوق في تعريف الأسرة المنتفعة من تأمين المؤمَّن عليه (الأبناء أو البنات). وهذا برأينا يشكل إجحافاً كبيراً بحق كبار السن غير المتزوجين، أو الذين لم ينجبوا. وفي ذات الوقت يعكس تبعية الآباء والأمهات للأبناء والبنات، ويفقدهم إحساسهم بأنهم أفراد مستقلون.
  • الضغط من أجل إعادة النظر في معادلة احتساب إيرادات الصحة في الموازنة العامة، بحيث تشمل كافة الإيرادات غير المباشرة التي يدفعها المواطن لغايات صحية، كالرسوم والضرائب والجمارك المفروضة على التبغ والوقود ومنتجاتهما المختلفة، وكافة الإيرادات المتأتية من أي قوانين أخرى، ويكون هدفها الحفاظ على الصحة العامة.
  • العدالة في اشتراكات المساهمين:
  • يجب ان تنعكس الشرائح الضريبية على اشتراكات الأفراد، جوهر الصندوق هو التكافل الاجتماعي، لذا لا يمكن للفقراء أن يساهموا كمساهمة ميسوري الدخل، وتعتبر هذه أهم ركيزة في التعديلات نحو تأمين صحي شامل. إذا ما كان لدى الأفراد القدرة على الاشتراك في خدمات التأمين الخاصة، لا ضير بالاشتراك أيضاً في التأمين الصحي الحكومي كونه مشروع وطني ونواة لحماية صحية للجميع. التغطية الصحية الشاملة تعني إتاحة خدمات الرعاية الصحية لمن يحتاج إليها دون معاناة مالية.
  • ورشات عمل متخصصة ومؤتمر وطني عام: سيعمل المشروع على عقد العديد من ورش العمل واللقاءات المتخصصة اضافة الى مؤتمر وطني عام بمشاركة المجتمع المدني وزارة الصحة، القطاع الخاص، منظمة الصحة العالمية، ووكالة الغوث الدولية ...الخ

معلومات ضرورية حول واقع التأمين الصحي في فلسطين:

ان الرسالة التي يجب أن يحملها التأمين الصحي، هي تحسين وتعزيز صحة كافة المستفيدين، من خلال تمكينهم من الحصول على الخدمة الصحية المتميزة بما يتماشى مع احتياجاتهم بعدالة وشفافية.

ان التأمين الصحي الحالي عمل على توفير سلة خدمات صحية الا إن سلة الخدمات الكبيرة التى يوفرها نظام التأمين الصحي الحكومي الحالي شكلت عبئاً كبيراً على ميزانية وزارة الصحة والسلطة الوطنية الفلسطينية مما أثقل كاهلها بالديون، خاصة للمشافي والمؤسسات الصحية الخارجية. واككثر ما اثقل كاهل النظام الصحي هي التحويلات الخارجية. وجرى التركيز على التحويلات دون الاستثمار في تطوير جودة الخدمات الصحية بما فاقم مشكلة ثقة المواطنين بالنظام الصحي الحكومي.

وفقاً للتحقيق الوطني حول التأمين الصحي الذي اجرته الهيئة المستقلة بالشراكة مع مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد) ومركز بيسان واتحاد لجان العمل الصحي عام 2021 خلص التحقيق الى العديد من القضايا المهمة:

  • على مستوى التشريعات:

لم يعتبر المشرِّع الفلسطيني الصحة "حقاً"، لذلك لم يُنَصّ في القانون الأساسي الفلسطيني عليها ضمن الحقوق. ومن خلال فحص قانون الصحة العامة، ونظام التأمين الصحي، يُلاحظ أنه استند على فلسفة أن الصحة خدمة تقدمها الحكومة بناءً على مواردها، وإمكاناتها المالية المتاحة.

يعتبر التأمين الصحي البوابة الرئيسة للوصول إلى الخدمة الصحية، وأحد السياسات الحكومية التي تتيح للجمهور الحصول على الحق في الصحة، والانتفاع بسلة الخدمات الصحية اللازمة لضمان التمتع بالحق في الصحة. وقد ألزم قانون الصحة العامة وزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المختصة للعمل على توفير التأمين الصحي ضمن الإمكانات المتوافرة.

يتم تطبيق العديد من الأطر التشريعية لتنظيم التأمين الصحي بأنواعه المختلفة، حيث ينظم قرار مجلس الوزراء رقم (113) لسنة 2004 نظام التأمين الصحي الحكومي، وينظم قانون التأمين رقم (20) لسنة 2005 التأمين الصحي التجاري، وأنطمة داخلية صادرة عن المؤسسات خاصة بالتأمين التعاوني، والأنظمة الصادرة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بشأن خدمة التأمين الصحي للاجئين الفلسطينيين.

 

 تعكس العديد من القرارات الخاصة بالتأمين الصحي التي أصدرتها الحكومة في السنوات السابقة تعامل الحكومة مع الخدمة الصحية "كردة فعل", أو كــــ "تجاوب آني" مع الأحداث السياسية، أو الاقتصادية، دون دراسة اقتصادية  واجتماعية لهذه القرارات، مثل قرار مجلس الوزراء رقم (9) لسنة 2017 الخاص بتعديل قرار التأمينات للعاطلين عن العمل، والذي تم بموجبه إلغاء جميع التأمينات الصحية للعاطلين عن العمل ابتداءً من 1/3/2017، والتي كانت تمنح لهم في إطار ما يعرف بتأمين (انتفاضة الأقصى)، وقرار إعفاء سكان قطاع غزة من دفع الضرائب والرسوم، بما فيها بدل الاشتراك في التأمين الصحي. ومن ثم إلغاء هذا القرار في العام 2017.

لا يتم نشر كافة القرارات والتعليمات الناظمة للتأمين الصحي الحكومي في الجريدة الرسمية (الوقائع الفلسطينية)، أو على صفحة وزارة الصحة، مما يؤدي إلى إرباك في المعاملات بين المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة والمستفيدين من الخدمات التي يوفرها التأمين، كما يشكل ذلك مساساً بمبدأ دستوري، ألا وهو "مبدأ العلم بالقاعدة القانونية"، إضافة إلى مخالفة عدم النشر للقانون الأساسي المعدل لسنة (2003) الذي نص على وجوب نشر التشريعات في الجريدة الرسمية فور إصدارها. وعلى صعيد آخر يترتب على ذلك إمكانية الانتقائية في إجراءات معاملات التأمين الصحي من قبل أصحاب الواجب، الأمر الذي يفتح المجال للتمييز بين المؤمَّن لهم في الاستفادة من خدمات التأمين الصحي.

تم بذل العديد من المحاولات لتطوير الإطار التشريعي للتأمين الصحي الحكومي، بهدف زيادة الموارد المالية وتوسيع نطاق الفئات المشمولة والخدمات الصحية المقدمة، إلا أنه لم يكتب لأية محاولة منها النجاح، والقيام بإحداث تغيير في أحد أركان النظام الصحي.

على مستوى السياسيات والإجراءات:

تختلف أنواع التأمين الصحي تبعا لطبيعة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولـة، ويمكـن تحديـد الأنواع المختلفة للتأمين الصحي المتعارف عليها عالميـاً بنظـامين رئيسيين، وهما: الأول نظام التأمين الصحي الحكومي الذي تنشئه وتـديره الدولة، ويـتم تمويل هذا النوع من التأمين عن طريـق الرسـوم، أو الـضرائب، أو الاثنين معاً، وبموجبه يحق لكل دافع ضريبة أن يتلقى خدمة الرعايـة الصحية التي تقدمها الدولة، مقابـل الاقتطـاع الإجبـاري لـصالح الضرائب المخصصة لتمويل التأمين الصحي. والثاني نظام التأمين الصحي الخاص، ويقسّم إلـى نظامين فرعيين، وهما: التأمين التجاري، والتأمين غير التجاري، وذلـك حسب الجهة التي تقوم بتنفيذ وتمويل البرنامج، وما إذا كانت شركات أو مؤسسات تجارية، أو جمعيات تعاونية، أو مؤسسات غير ربحية أو هيئـات تطوعيـة. وينتشر التأمين الخاص التجاري في العديد من الدول، ويكـون فـي معظم الأحيان بالتوازي مع وجود نظام تأمين حكومي.

يسعى المشروع لتحقيق مفهوم التغطية الصحية الشاملة، وهذا يتطلب العمل على عنصرين، وهما: الأول: نظام تأمين صحي شامل يستند إلى آليات تمويل ميسورة التكلفة وعادلة، يساهم الأفراد والحكومة في تمويلها، والثاني: توفير خدمات الرعاية الصحية الشاملة، وإدارة قوية قادرة على إدارتها، لذلك يتوجب أن تقوم الحكومة الفلسطينية بإنجاز تأمين صحي شامل لجميع الأفراد، كخطوة أولى في تحقيق الرعاية الصحية الشاملة.

تعدد أنظمة التأمين الصحي:

تتعدد أنظمة التأمين الصحي دون تنسيق أو تكامل في الخدمات والفئات، حيث يوجد ثلاثة أنظمة رئيسية للتأمين الصحي مصنفة بحسب الجهات المقدمة له، وهي: الأول التأمين الصحي الخاص بشقيه التجاري والتعاوني، والثاني تأمين وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، والثالث التأمين الصحي الحكومي. ولكل نظام من أنظمة التأمين السابقة إطار قانوني ناظم، وجهة إدارية ذات اضطلاع ومسؤولية، وآلية تمويل وجباية مختلفة، وسلة خدمات وشريحة اجتماعية محددة.

إن تعدد أنظمة التأمين الصحي الحالية لم يؤدِ إلى اتساع الفئات الاجتماعية المستفيدة من أنظمة التأمين الصحي، وضمان حق اختيار نظام التأمين الصحي بالنسبة للجمهور، بل أدى إلى تشتت هذه الأنظمة، وتضارب الجهات المقدمة للخدمات الصحية، وعدم العدالة في الدفع، وعدم الحصول على ذات المنافع.

تختلف إجراءات الاشتراك بالتأمين الصحي من فئة إلى أخرى، فهناك الاشتراك التلقائي للموظفين العموميين، دون تقديم ضمانات لدفع بدل الاشتراك، ودون التوقيع على تعهد بدفع بدل الاشتراك في حالة التأمين الاختياري، ودون المرور بفترة الانتظار. وهناك فئات أخرى كالمؤمنين الاختياريين حيث يتطلب النظام إجراءات محددة وضمانات للدفع، وفترة انتظار للحصول على الخدمة، فتختلف نسبة الاشتراك وآليات الدفع من شريحة إلى أخرى، ونسبة التغطية الصحية لبعض الخدمات الصحية، كما تختلف رزمة الخدمات الصحية المشمولة في التأمين بناءً على اختلاف الشريحة.

المستفيدون من التأمين الصحي:

يبلغ عدد الفلسطينيين المأمنين تأميناً صحياً حكومياً خالصاً، وفق ما تشير إليه معلومات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2017 حوالي (31.5%) من عدد السكان، وبلغ غير المأمنين بكافة أنواع التأمين (924,730) نسمة، أي أن (21%) من السكان لا يحملون أي نوع من أنواع التأمين الصحي.  فعلى الرغم من تعدد أنظمة التأمين الصحي، إلا أنه ما زالت نسبة ليست بسيطة خارج مظلة التأمين الصحي، بمعنى أنها غير مشمولة بخدمة الرعاية الصحية ضمن أي نوع من أنواع التأمين السابقة، وتلجأ للعديد من الوسائل للحصول على الخدمات الصحية.

إن ارتفاع معدل البقاء على قيد الحياة، وفتاوة أفراد المجتمع الفلسطيني، وارتفاع نسبة البطالة، ومعدلات الإعاقة وتنوعها، وقيام الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة اعتداءاته المستمرة على كافة مكونات الشعب الفلسطيني، واستمرار ارتقاء عشرات الشهداء ومئات الجرحى سنوياً، يشكّل زيادة في أعباء النظام الصحي الفلسطيني،  والتعرض للأوبئة والحالات الاستثنائية كجائحة كورونا – على سبيل المثال - تشكّل تحدياً مستمراً أمام تطور القطاع الصحي، وتحتم على المكلف بإعمال الحق في الصحة أن يزيد من نسبة الخدمات الصحية المقدمة، ورفع جودتها.

تكشف مؤشرات النظام الصحي المتعلقة بعدد العاملين في القطاع الصحي من أطباء وموظفي خدمات طبية مساندة، وبالقياس لعدد المستشفيات والأسرّة، والخدمات الطبية المساندة عن عدم تمكّنها من تلبية الاحتياجات الصحية، وعدم استجابتها للحدود الدنيا التي حددتها منظمة الصحة العالمية للوصول إلى تغطية صحية شاملة.

نتيجة الارتفاع الطبيعي لعدد السكان، واستمرار ارتقاء مئات الشهداء وآلاف الجرحى من الاعتداءات الإسرائيلية، إلا أن عدد العاملين ما يزال دون المأمول للتمكن من تلبية الاحتياجات الصحية. بالإضافة الى سوء توزيع العاملين الصحيين بين شطري الوطن، التي من شأنها أن تُحْدِثَ انعكاسات سلبية، ليس على صعيد المؤشرات الصحية فحسب، وإنما إحداث نقص شديد بالخدمات الصحية في قطاع غزة في ظل الحصار، ومنع تنقل المواطنين، بمن في ذلك تنقل العاملين الصحيين والمرضى.

على صعيد التحديات

تساهم سياسات الاحتلال الإسرائيلي في التسبب في هشاشة النظام الصحي الفلسطيني وتداعيه المستمر، وذلك لعدة أسباب منها: إجراءات وتداعيات الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة منذ العام 2006، مما أدى إلى تراجع المنظومة الصحية فيه بتدهور الوضع الصحي لسكان القطاع، وتدهور المرافق الصحية الحكومية فيه، والمطالبات والخصومات المالية الكبيرة غير المبررة التي تتقدم بها وزارة المالية الإسرائيلية لوزارة الصحة الفلسطينية، والتي ترد في فواتير المستشفيات الإسرائيلية التي تقوم وزارة الصحة بالتوجه لها لشراء الخدمة الطبية، وسطوة دولة الاحتلال في فرض الأسعار المبالغ فيها مقابل شراء الخدمة من مستشفياتها.

يتسبب الاحتلال الإسرائيلي عبر سياساته الممنهجة في حرمان الفلسطينيين من الحصول على خدمة الرعاية الصحية، وذلك من خلال إعاقة الوصول الجغرافي للمرضى إلى المشافي في الضفة الغربية والقدس، وفي الداخل المحتل، وإخضاع المرضى ومرافقيهم للفحص الأمني، ورفض، أو تأخير منحهم التصاريح اللازمة للمرضى للسفر لتلقي العلاج، وبخاصة مرضى قطاع غزة، ما يتسبب في تأخير العلاج، وتنصل دولة الاحتلال من التزاماتها القانونية والأخلاقية تجاه الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وممارسة سياسة الإهمال الصحي المتعمد، والتقصير في تقديم الخدمات الطبية لهم، ما يجبر وزارة الصحة الفلسطينية على تغطية نفقات علاج البعض منهم. عدا عن معاناة العمال الفلسطينيين من العمال من حملة تصاريح العمل في الداخل المحتل في حالات إصابات العمل.

 

تدفع خدمة الرعاية الصحية الفاتورة المستمرة للانقسام الفلسطيني؛ وتجلى ذلك من خلال ازدواجية الإدارة بين المؤسسات الحكومية في قطاع غزة ونظيراتها في الضفة الغربية، مما أثر على مستوى الحقوق والخدمات التي يتلقاها المواطنون، ومن بينها خدمات وزارة الصحة، وخدمات التأمين الصحي، وعدم نفاذ القرارات المتعلقة بالتأمين الصحي الصادرة من قبل وزارة الصحة في الضفة الغربية في قطاع غزة، وإصدار المرسوم رقم (18) لسنة 2007 القاضي بإعفاء قطاع غزة كاملاً من كافة رسوم الخدمات التي تقدمها وزارات وهيئات ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية دون مراعاة لفروقات مستوى دخل الأفراد في القطاع، الأمر الذي نجمت عنه مخالفة القرار لمبدأ العدالة في الجباية الضريبية، وتقليل إيرادات التأمين الصحي.

 

تثير إشكالية عدم توافر خدمات الرعاية الصحية وجودتها في القطاع تحديات كبيرة في موضوع التحويلات الطبية والعلاج خارج القطاع، حيث تكون الإجراءات طويلة ومعقدة، ناهيك عن صعوبة الحصول على تصاريح تنقل لمغادرة القطاع للعلاج من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية، الأمر الذي فاقم من أحوال القطاع الصحية، وأدى إلى العديد من الوفيات التي كان يمكن تفاديها بين الفلسطينيين.

 

وفي اطار المناكفات السياسية يتم منع العديد من المواطنين سنوياً من الحصول على جوازات السفر، أو التأخير في إصدارها من قبل وزارة الداخلية في الضفة الغربية، مما يؤدي إلى حرمان المواطنين من تلقي العلاج خارج القطاع.

 

على صعيد الموارد المالية:

شكّلت إيرادات التأمين الصحي ما نسبته (35%) من إلايرادات العامة لوزارة الصحة في العام 2019. الفجوة بين قيمة الإيرادات المتأتية لوزارة الصحة من رسوم ومساهمات، وبين متطلبات الإنفاق الصحي تؤثر على قدرات وزارة الصحة، وعلى مستوى الخدمات المقدمة للمؤَمَّنين ونوعيتها، لذلك يتوجب إعادة النظر في معادلة احتساب إيرادات الصحة في الموازنة العامة، بحيث تشمل كافة الإيرادات غير المباشرة التي يدفعها المواطن لغايات صحية، كالرسوم والضرائب والجمارك المفروضة على التبغ والوقود ومنتجاتهما المختلفة، وكافة الإيرادات المتأتية من أي قوانين أخرى، ويكون هدفها الحفاظ على الصحة العامة.

 

الإجراءات التي تم اتخاذها على صعيد زيادة التحصيل المالي لإيرادات التأمين الصحي، أو على البنود التي تستخدمها الدائرة المالية بشأن موضوع التأمين الصحي، أحدثت اثاراً بسيطة في زيادة الموارد.

 

 تستحوذ موازنة وزارة الصحة ما نسبته (%11) من إجمالي النفقات العامة. وعلى الرغم من الزيادة في الموزانة التطويرية، إلا أن متطلبات تحقيق التغطية اﻟﺻﺣﯾﺔ اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ، ﻻ يزال ﯾﺗطﻠب اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﻣوازﻧﺎت اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟلوزارة.

يكشف التحقيق عن ارتفاع إنفاق الأسر المعيشية على الصحة، حيث بلغ إجمالي نفقات الأسر المعيشية على الصحة (39.5%) في العام 2018، الأمر الذي يعتبر مؤشراً على استهلاك الصحة نسبة عالية من دخل الأفراد، وعدم وجود تغطية صحية تتناسب مع مستويات الدخل، وتتسبب في الوقت ذاته بإرهاق المواطنين، وتحويل الرعاية الصحية إلى عبء اقتصادي، بخاصة بالنسبة لذوي الدخل المحدود الذين يعتبرون الأكثر تضرراً في هذا المضمار.

تعد مشكلة الاشتراك العكسي للمؤمَّن عليهم اختيارياً من أبرز المشكلات التي عانى منها نظام التأمين الصحي الحكومي. وتعني هذه المشكلة أن المؤمّن عليه لا يلجأ للاشتراك في التأمين الصحي إلا عند احتياجه للعلاج، الأمر الذي يجعل من هذه المشكلة مناقضة جوهرية لفكرة التأمين الصحي القائم على أساس تقاسم المخاطر بين المؤمّن عليهم، وتحرم التأمين الصحي من إيرادات مستحَقَّة.

على صعيد الرعاية الصحية للفئات الاجتماعية:

انطلقت فلسفة التأمين الصحي الحكومي على أساس التعامل مع المستهدفين بالتأمين "كأسرة"، أي كوحدة اجتماعية فيها معيل ومعالون، وليس كأفراد.

ينص قانون حقوق المعوقين رقم (4) للعام 1999 على التزام الحكومة بتقديم الخدمات الصحية المشمولة في نظام التأمين الصحي مجاناً للأشخاص ذوي الإعاقة وعائلاتهم، إلا أنه لم يتم إقرار أية سياسات صحية لتطبيق القانون. ويستثني النظام العديد من الخدمات الصحية كالأجهزة الطبية والأطراف الصناعية، والعديد من خدمات التأهيل والعلاج الطبيعي والوظيفي، والمستلزمات الطبية.

يعتمد التأمين الصحي للأشخاص ذوي الإعاقة على نسبة العجز الذي تحدده اللجان الطبية التابعة لوزارة الصحة. وبموجب هذه النسبة تقوم وزارة التنمية الاجتماعية بمنح التأمين الصحي. ويُمْنَحُ الشخص ذو الإعاقة تأميناً صحياً، إذا كانت نسبة العجز (60%) فأكثر، وذلك بناءً على سياسات وزارة التنمية الاجتماعية في المساعدة.

يتصف نظام التأمين الصحي بأنه "محايد جندرياً"، بمعنى أنه لا يراعي احتياجات الجنسين بناءً على أدوارهم، والواقع الاجتماعي والثقافي، حيث تحصل المرأة على خدمات الرعاية الصحية المجانية المتعلقة بالحمل وبعد الإنجاب بفترة قصيرة، لغايات تنظيم الأسرة والإشراف الصحي المترتب على الولادة فقط، دون مراعاة لموضوع رعاية الصحة الجنسية والإنجابية. من ناحية أخرى. ونتيجة إرتباط التأمين الصحي الإلزامي بالدور الإنتاجي "العمل المأجور"، وإشتراط نظام التأمين الصحي انضمام العمال والعاطلين عن العمل إلى النقابات والاتحادات للحصول على التأمين الصحي المخفض الاشتراك، فإن نسبة عالية من فئة النساء يحرمن من التأمين الصحي الإلزامي، أو التأمين المخفض حيث تشير البيانات الرسمية إلى أن نسبة النساء المشاركات في القوى العاملة لا تتجاوز (18%). كما تشير إلى ارتفاع عمالة المرأة في القطاع غير المنظم، ومحدودية انتسابها للنقابات والاتحادات. كما بلغت نسبة النساء المعيلات للأسر (11%). والجدير بالذكر أن معدل الفقر بين الأفراد الذين ينتمون إلى أسر ترأسها إناث بلغ (30.6%) أعلى بنسبة قليلة ممن ينتمون إلى أسر يرأسها رجال (29.2%)، على الرغم من كون الأسر التي ترأسها إناث تشكل إحدى الجهات الرئيسة التي تتلقى مساعدة من وزارة التنمية الاجتماعية، مما يدلل على أن الفقيرات يتم تصنيفهن كحالات اجتماعية يستفدن من التأمين الصحي من خلال وزارة التنمية الاجتماعية كمنحة، وليس كحق.

جدير بالذكر أن نسبة كبار السن الذين لديهم تأمين صحي بلغت (86.1%)، وبلغت نسبة الحاصلين منهم على تأمين صحي حكومي (41%) في حين لم تتجاوز نسبة كبار السن الذين لديهم تأمين خاص فقط عن (2.1%) من إجمالي كبار السن في فلسطين، وذلك وفق نتائج تعداد 2017. وبالاشارة إلى الأوضاع الصحية لكبار السن، فقد بلغت نسبة الذين لديهم مرض مزمن واحد على الأقل (55.9%) من إجمالي كبار السن عام 2017، في حين بلغت نسبة كبار السن الذين لديهم إعاقة/صعوبة في فلسطين (39.1%). كما تشير البيانات إلى أن نسبة الفقر بين كبار السن لعام 2017 بلغت أكثر من ربع كبار السن من مجمل هذه الفئة.

كما يتضح من نظام التأمين الصحي أنه يقتصر على تقديم خدمة الرعاية الصحية المجانية للأطفال دون سن الثالثة فقط، وذلك خلافاً لاتفاقية حقوق الطفل، الأمر الذي ينجم عنه تأثر الأطفال بمدى انتفاع المسؤول عنهم بالتأمين الصحي.

 

 

آخر الأخبار