بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني،، الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تنظم ندوة سياسية حول سياسات الاحتلال التمييزية

Content Cover

الدوحة/ رام الله، أوصى رؤساء وممثلون عن المؤسسات الوطنية الأعضاء في الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات الشريكة، ونشطاء وممثلين عن مؤسسات دولية وجماعات تضامن مع الشعب الفلسطيني بضرورة التأكيد على عالمية القضية الفلسطينية والتعاطي معها من منظور إنساني، ودعم شرعية الشعب الفلسطيني، والدفع باتجاه مساءلة الاحتلال على جرائمه العنصرية المستمرة، وضرورة الوقوف إلى جانب المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، ودعم جهود الهيئة المستقلة في عملها بتوثيق جرائم الاحتلال ودعم حقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء الانقسام.

جاء ذلك في الندوة الإلكترونية التي نظمتها اليوم، الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" بعنوان (سياسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التمييزية تجاه الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة)، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977، ويصادف 29 تشرين ثاني من كل عام.

هدفت الندوة إلى تسليط الضوء على الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان الفلسطيني من قبل سلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديد خطوات وآليات مواجهتها في المستقبل لتجسيد وتفعيل وتقوية التضامن الدولي ومن أجل تعزيز حقوق الشعب العربي الفلسطيني.

وتحدث في الندوة التي ترأسها الدكتور عمار الدويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين، الأستاذ سلطان الجمّالي المدير التنفيذي للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والأستاذ عصام عاروري المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان والسيد شيخ نيانغ، رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، الممثل الدائم للسنغال لدى الأمم المتحدة، والأستاذ ريتشارد فولك المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، والأستاذ صالح حجازي ممثلاً عن منظمة العفو الدولية، والأستاذة سحر فرنسيس مديرة مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان.

وأكد الجمالي على عدالة القضية الفلسطينية "فلا يوجد قضية في العالم أحق من القضية الفلسطينية وهذا ما تؤيده عشرات القرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، إلا أنَّ الاحتلال ما زال قائماً ومستمراً بخطته الاستيطانية السرطانية التي تستهدف سلب ما تبقى من فلسطين التاريخية، لجعل حل الدولتين أمراً مستحيلاً وذلك لأن الحقوق لا تمنح أو تعطى بالتمني بل بالعمل والإرادة؛ ونحن أمة تملك الأسباب والأدوات لحماية حقوقها، لذلك علينا أن لا نرتهن إلا لمصلحة قضيتنا، ما يتحقق بداية بإنهاء انقسام البيت الفلسطيني وتوحيد جهوده".

وشدد الجمالي على أن ازدواج المعايير والإفلات من العقاب، وما سببه من ارتفاع عدد الانتهاكات كمَّاً ونوعاً، لذلك لا بد لنا من التعاون والتضامن لنصرة الشعب الفلسطيني حتى رفع الظلم عنه وتمكينه من تقرير مصيره، والدفع باتجاه تنفيذ الدول لالتزاماتها كطرف ثالث وفق القانون الدولي بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية. مؤكداً على استمرار الشبكة العربية بتشجيع الأخوة في فلسطين لتوحيد البيت الداخلي باعتباره أُسُّ الحلول، واستمرارها بحراكها الحقوقي ضمن المنظومة الدولية لحقوق الإنسان ومؤازرتها للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين وشركائها وجميع المدافعين عن حقوق الإنسان منظمات وأفراد؛ في الدفاع عن حقوق الشعب العربي الفلسطيني بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي حتى النصر. 

من جانبه أوضح عاروري أن دولة الاحتلال لا ترى في الفلسطينيين سوى مجرد مشكلة ديمغرافية، ولمواجهة هذه المشكلة باتت سياسات الاحتلال مبنية على الهندسة العرقية، بتجزئة الشعب الفلسطيني وشرذمته، بفصل فلسطينيي ال 1948 عن فلسطينيي المناطق المحتلة عام 1967، فصل قطاع غزة ليس جغرافيا فقط، عن الضفة الغربية، وعزل القدس عن كليهما، ومن أجل فرض السيطرة العرقية لشعبها المختار، والاستيلاء على كافة مقدرات بقاء شعبنا من أرض ومياه وما تحت الأرض وفي الهواء، وبناء سياسة لإدامة الاحتلال تقوم على أربع ركائز هي، تعزيز الاستيطان الصهيوني للأرض الفلسطينية، وممارسة سياسة تهجير قسري Forcible Transfer   بحق المواطنين الفلسطينيين، وبناء منظومة تحكم وسيطرة جوهرها الأبرتهايد، وتقويض مقومات صمود وبقاء الشعب الفلسطيني ودفعه للهجرة.

وبين عاروري أن دولة الاحتلال تحشر الفلسطينيين في مساحة 8% من فلسطين التاريخية، مقسمة الى 272 جزيرة ومعزلا تفصلها الجدران والأسلاك والعوائق الترابية والطبيعية وتغلق عليهم بوابات جعلت معازلنا تشكل أكبر سجون هذا الكوكب، مع فرض حالة سجن على أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، مع فارق أن السلطة التي تسجن الناس مجبرة على توفير احتياجاتهم من الطعام والشراب والكهرباء والدواء، بيد أن سلطات الاحتلال تدير سجنا على نفقة المجتمع الدولي باعتماد أكثر من 85% من أهلنا في قطاع غزة على المعونات الإنسانية. وهذا كله متزامن رفض إسرائيل لأي حلول سياسية، ولا حتى مفاوضات من أي نوع، فنحن لا نسمع غير لغة التهديد والوعيد والتوسع والهدم والتشريد. وربما يجسد سياسة غطرسة القوة قيام مندوب اسرائيل بتمزيق تقرير مجلس حقوق الانسان على منبر الأمم المتحدة في بث حي ومباشر أمام كافة شعوب الأرض وحكامها.

وفي مداخلته بعنوان فلسطين في المشهد القانوني الدولي، أشار فولك إلى أن الأسرة الدولية تهاجم من ينتقد إسرائيل وتتهمهم باللاسامية، مشدداً على أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة لا يمكنهما تغيير سلوك إسرائيل دون مساءلتها سياسياً، وتطبيق ما ينص عليه القانون الدولي، لافتاً إلى أن حرب الشرعية يربحها الفلسطينيون وتخسرها إسرائيل والتاريخ يكتبه نضال الشعوب وليس قوة السلطة الحاكمة.

وشدد فولك على أن إسرائيل تعتمد على أساليب متطرفة من القوة والاستغلال وهذا ما يعزز صورتها كدولة عنصرية تحمل شهادة كولونيالية من الحكومة البريطانية التي منحتها إياها قبل نحو قرن من الزمان، ولا تزال تعارض قرارات الأمم المتحدة التصالحية وتظهر أنها ليست مهتمة بحلول وسطية بل باستخدام الدعم الإقليمي المتاح لها وقوة السلاح وفرض الاحتلال.

كما أكد على أهمية حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني والنضال السياسي المتواصلين، التي باتت تبعث على التفاؤل أكثر من أي وقت مضى، وتهيئ فرصة مناسبة لتطبيق مضامين حقوقية مهمة تحفظ حقوق الفلسطينيين التاريخية.

وحول ممارسات سلطات الاحتلال في الارض الفلسطينية المحتلة منذ 1967 تحدث حجازي عن ضرورة وجود تحرك رسمي يرقى إلى مستوى التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني، داعياً إلى أن يكون يوم التضامن بداية جديدة فيها إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان بغض النظر عن أي طرح سياسي، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان بشكل جدي، وان يتم إجراء تحقيق فعال من قبل لجان تقصي الحقائق خاصة داخل إسرائيل على ما تقوم به من جرائم بحق الفلسطينيين، مؤكداً أنه لا يمكن تحقيق السلام دون تحقق العدالة على المستويين الشعبي والرسمي.

من جانبها، أكدت فرنسيس أن الأمر العسكري الإسرائيلي الذي يمنح جيش الاحتلال تصريحا بملاحقة 6 مؤسسات فلسطينية واعتبارها "منظمات إرهابية"، يعبر عن عدم احترام القانون الدولي في التعاطي مع القضية الفلسطينية وذلك بسبب غياب المساءلة من قبل المجتمع الدولي منذ عقود لدولة الاحتلال، ما جعلها تتجرأ على تصنيف مؤسسات وطنية فلسطينية تعمل منذ عقود وهي جزء من المجتمع المدني الفلسطيني الذي يتعرض لهجوم وملاحقة من قوات الاحتلال، والأمر العسكري يتيح لقوات الاحتلال إغلاق هذه المؤسسات بصورة فعلية وبشكل مباشر، بموجب القانون الإسرائيلي.

وشددت فرنسيس على ضرورة توافر ضمانات التقاضي العادلة امام المنظومة العسكرية الإسرائيلية، وممارسة الضغط من خلال الحملة التي بدأتها المؤسسات الست بالتعاون مع المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية والاستمرار في الضغط على المستوى الرسمي الدولي بعدم التعاطي مع قرار دولة الاحتلال وعدم الاعتماد على المواد السرية وتوفير الحماية للمؤسسات الفلسطينية. مشيرة إلى تكثيف أشكال الملاحقة من قبل المؤسسات اليمينية الإسرائيلية المتطرفة التي تركز على عمل المؤسسات الحقوقية الفلسطينية التي تعني بدعم السكان في المناطق المهمشة، أو قضايا الأسرى، أو المعنية بمتابعة ملفات في المحكمة الجنائية الدولية.

وتحدث السيد نيانغ عن الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، مبيناً أنه على الرغم من كل الجهود المبذولة من المجتمع الدولي، لا تزال القضية الفلسطينية دون حل، ولا تزال إسرائيل تعمق احتلالها من خلال توسيع المستوطنات غير القانونية، ومصادرة الممتلكات والمباني وهدم البيوت وتهجير العائلات الفلسطينية قسراً، واعتقال المدنيين، مما يكرس عدم الاستقرار. وأضاف أن هذا الوضع المتدهور بشكل مستمر يذكر بدور المجتمع الدولي الذي أصبح اليوم اهم من أي وقت مضى، ما يتطلب بذل المزيد من الجهود الجماعية لتحقيق سلام عادل وشامل على أساس القانون الدولي والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة.

وأكد نيانغ على مواصلة العمل لحماية وتعزيز حقوق الإنسان للأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين، وبذل قصارى الجهود للدعوة إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، لتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني بما فيها حق تقرير المصير وبناء الدولة.

وخلصت الندوة إلى جملة من المخرجات التي أكدت على استمرارية الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بالحث والعمل على تعزيز أدوات القانون الدولي، والتأكيد على موقفها إزاء القرار الإسرائيلي بوسم مؤسسات فلسطينية بالإرهاب، والدفع باتجاه دعم جهود المحكمة الجنائية الدولية، والعمل على توفير المعلومات والتوثيقات للجنة تقصي الحقائق الدائمة المشكلة من مجلس حقوق الإنسان بشأن انتهاكات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي.

29/11/2021