شهادة رامي محمد حسن حمدونة (38 عام) معسكر جباليا-تل الزعتر
أنا المواطن رامي حمدونة 38 عام من سكان تل الزعتر – معسكر جباليا- شمال قطاع غزة متزوج ولدي أطفال، أسكن في شقة في بيت العائلة (مكونة من 3 غرف وصالة وحمامين ومطبخ) ، قررنا النزوح منها بتاريخ 11 أكتوبر 2023 إلى #مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع بفعل قصف منزل جيراننا وتضرر البيت بشكل كبير، حيث خرجنا مشيا على الأقدام ومكثنا هناك شهرين تقريبا حتى تاريخ 12 ديسمبر 2023 وهو اليوم الي اقتحمت به قوات الاحتلال مستشفى كمال عدوان بالدبابات والمدرعات حيث قاموا بتحويط المشفى بالكامل ومحاصرته وتجريف أجزاء كبيرة منه واقتحموا الجدران بمدرعاتهم وقاموا بتجريف مقبرة في المشفى كنا ندفن فيها الشهداء من داخل المشفى وخارجها، وأطلقوا النار على الناس المتواجدين في ساحة المشفى حيث قاموا بإعدام رجل أمامنا عمره حوالي الخمسين عاما حيث أطلقوا النار مباشرة على صدره ووقع شهيدا، كما أنهم أصابوا شابا عمره تقريبا 25 عاما في قدمه، وبعدها قام الاحتلال بالمناداة علينا عبر مكبرات الصوت وإعطائنا تعليمات لمن هم فوق السادسة عشر عاما وتحت الستين عاما بالخروج لساحة المستشفى واخبرونا أن علينا الأمان وأنه ليس علينا خلع ملابسنا وأقفونا بطابور على باب المستشفى وأبقوا على النساء في الطابق الثالث للمستشفى (طابق الأطفال)، ولكنهم بعدما ابعدونا عن المشفى مسافة 100 متر تقريبا طلبوا منا خلع ملابسنا بالكامل ومشينا مسافة 500 متر وصولا إلى منطقة حبوب في الشمال، وكان الجيش يتبعنا بالدبابات خلفنا ووضعوا شخصا منا ليعطينا التعليمات.
كان الجو باردا والأمطار تتساقط ووصلنا في منطقة حبوب إلى موقع عسكري محاط بالتلال والأسلاك الشائكة وفي وسطه عمارة تعتليها قناصات الاحتلال وجيبات وعتاد عسكري ضخم، حيث قاموا بفرزنا في هذا الموقع وكانت آلية الفرز عبارة عن وضعنا أمام الكاميرات والتي تحدد هويتنا ومكان فرزنا حسب ما تعطيه الكاميرا من معلومات عنا، كان يقسموننا لقسمين: القسم اليمين يذهبون لفرز ثاني أما القسم اليسار غالبا يرجعونهم ويطلقون سراحهم، حيث نادوا علية وأخبروني بالذهاب للقسم اليمين ثم إلى مكان مخصص به أسلاك شائكة وكنا قرابة ال 100 شخص هناك ولم أعرف العدد بعد وصولي لأنهم قاموا بإغمائي بغمامة كبيرة برتقالية اللون وكنت مقيد اليدين للخلف وجاثما على ركبتي واستمر ذلك لمدة نصف ساعة، بعدها تم المناداة علية مرة أخرى وأخذوني إلى مبنى به كاميرات وأدخلوني لغرفة كان هناك جندي يجلس على كمبيوتر وأخذ البيانات الشخصية مني، وأثناء خروجي من هذا المبنى تم ضربي وشتمي لحين وصولي إلى شاحنة الترحيل التي ستنقلنا إلى معبر ايرز وكان الساعة وقتها تقريبا العاشرة مساءً، كما تم ضربنا والاعتداء علينا أثناء ركوبنا الشاحنة حيث تم دفعي بقوة إلى أرض الشاحنة وكنا تقريبا 100 شخصا في الشاحنة وكان هناك شاحنتان، وصلنا إلى معبر ايرز في تمام الساعة 11 مساء تقريبا، وأنزلونا في موقع داخل معبر ايرز بنفس الأسلوب وبالضرب حيث أجلسوني على الاسفلت جاثما على ركبتي وكان الجو ماطرا وباردا وكنا عراة ومغميين العينين واستمر ذلك ساعة من الزمان تقريبا، بعدها قاموا بإلباسنا افر هول نايلون أبيض اللون وتم وضع بلاستكية بيضاء على أيدينا (أخبرونا أنها للأمانات)، وفي تمام الساعة 12 منتصف الليل تم ادخالنا إلى بدروم أسفل المبنى وتم الاعتداء علينا بالضرب المبرح بالبساطير والشتائم والسب، ولم يعطونا شيء سوى خبزة صغيرة لا تفي بالجوع وكانوا يسكبون الماء علينا من فوق ان أردنا الشرب، ومكثنا في هذا البدروم تقريبا يومين، وأثناء ذلك تم الاعتداء علينا جنسيا أيضا، حيث تم أخذ ثلاثة أشخاص من الغرفة التي كنت أنام فيها وقاموا بإدخال عصا في مؤخراتهم حتى أن أحدهم كان ينزف دما من الخلف.
وبتاريخ 14 ديسمبر 2023 في تمام الساعة 11 ليلا تقريبا أركبونا في باص وبنفس الآلية ضرب وتعذيب وشتم ووصلنا إلى سجن عوفر بعد 4 أو 5 ساعات تقريبا ولم أعرف أنه سجن عوفر إلا من الشباب المتواجدين هناك، وبعد أن أنزلونا وضعونا على أكوام من الحصمة جاثمين على ركبنا، ثم تم أخذنا واحدا تلو الآخر داخل كونتينر به جهاز كمبيوتر ومجندة تعمل على الجهاز ومجندة أخرى تضع السلاح على رأسي وجندي يحرسني وتم ووضعي أمام جهاز الكمبيوتر وفك الغمام عن عيناي وأخذوا منا البينات الشخصية مرة أخرى ووضعوا على يدي جلدة برقم سجين وكان رقمي "085797" ، وسألوني ان كنت أعاني من أمراض صحية أم لا، ولم يتم عرضي على طبيب ولكن أخبرتهم أنني اعاني من مشاكل صحية لكنهم لم يستجيبوا لي ولم يحضروا لي دواء ثم أعادوا تعصيب عيناي بالغمامة البرتقالية وأرجعوني على الحصمة جاثما على ركبتي.
ومكثت على الوضع السابق بالانتظار لاستكمال العدد حتى الساعة السادسة صباحا من اليوم التالي ثم تم أخذنا بطابور وفرزنا إلى باركسات، أدخلوني إلى باركس كانت مساحته تقريبا 300 متر وكله فتحات والسقف مغلق ومحاط بالشباك من جميع الاتجاهات والأرضية أسفلت ولا تدخله الشمس أبدا، كنا تقريبا بين 130-190 شخصا محتجزين بداخله، ولم يعطونا سوى فرشة لا تتعدى سمكها السنتميتر واحد وغطاء خفيف جدا في ظل البرد الشديد، وتم الإبقاء علينا داخل الباركس مقيدين اليدين ومغميين العينين حتى عند النوم الذي لم يسمحوا لنا به حيث كانوا ينهالون علينا بالضرب إذا قررنا النوم من التعب، كما أنهم كانوا يوقظونا يوميا بين الساعة الثالثة والثالثة والنصف فجرا ويبعدون عنا البطانيات ويجبرونا بالجلوس على ركبنا وذلك حتى الساعة 12 صباح اليوم التالي أي بمعدل 21 ساعة متواصلة، واذا قررنا الارتياح يتم تعليقنا على الشباك الشائكة وعلى شبابيك الباركس حيث يتم ربطنا من أيدينا من الخلف وربطهم في الشباك وشدهم عليه وهذا ما حصل معي حيث عاقبوني بذلك العقاب لمدة ساعتين متواصلتين، واذا قمنا بالاعتراض ينهالون علبنا بالضرب، واذا اشتكى أحد بسبب الضرب أو العقاب لا يحضرون لنا طبيبا إلا بعد يومين أو ثلاثة ولا يعطونا دواء سوى حبة مسكن واحدة ووضع برهم على الجروح فقط.
خلال أيام الاعتقال كان الطعام عبارة عن ثلاث وجبات في الصباح يحضرون خبزتين توست فيهم مربى وفي الظهر توست فيه التونة مع حبة تفاح وفي الليل توست مع علبة جبنة صغيرة.
بتاريخ 25/12/2023 أي بعد عشرة أيام من مكوثي في الباركس الأول، أخذوني خارج الباركس في مكتب وتم ربط يدي وساقيا بالجنازير الحديد وضللت واقفا لمدة عشرة دقائق طوال فترة التحقيق والمحقق كان جالساً، وسألني عن بياناتي الشخصية وعدد الأشخاص الذين كانوا معي في المستشفى وهل أعمل في تنظيم أم لا وأين كنت في 7 أكتوبر وهل تعرف أشخاص شاركوا في 7 أكتوبر وهل تعرف أشخاص لهم علاقة بحماس هل رأيت مختطفين من أسرانا وهل تعرف أماكنهم هل تم دفن أشخاص في المستشفى التي تتواجد فيه وفي هذا التحقيقي لم يتم الاعتداء عليا بالضرب وتم ارجاعي للباركس، وبعد خروجي طلبوا من الامضاء مرتين على نفس الورقة، سألت المحقق على ماذا مضيت فقال لي مضيت على ما قلته لي في التحقيق، ولم يترجموا لي الكلام المكتوب ولا أعلم ماهية الورقة.
رجعت للباركس وتقريبا بتاريخ 5 يناير 2024 في تمام الساعة الثالثة عصرا تقريبا، تم المناداة علي أنا وشخص آخر وأخرجونا خارج الباركس وربط أرجلنا بالكلابشات الحديد وربطوا أيدينا إلى الخلف بمرابط بلاستيكية وتم وضع الغمامة على أعيننا وأخذونا بباص إلى باركس آخر وأخذوا منه شخصا ثالثا معنا، أخذونا جميعا لمنطقة تحقيق ولا أعرف المنطقة ووضعونا بالبداية على أكوام من الحصمة لمدة ساعة تقريبا ثم أدخلوني بغرفة وتم تجريدي من ملابسي بالكامل وفكوا الغمام عن عيني وفكوا المرابط لتسهيل عملية خلع ملابسي وتم عرضنا على جهاز للتأكد من خلوه من أي أجهزة أو آلات حادة وبعدها تم الباسي حفاظة "بامبرز" لمنعنا من دخول الحمام أو طلبه، وتم الباسنا ملابس داخلية بلون سكني وأدخلوني بعدها إلى غرفة التحقيق، أجلسوني على كرسي مقابل المحقق وتم ربط يدي اليمين بكلابش وربط قدماي بالكرسي الحديد وإزالة الغمامة عن عيني، كان المحقق جالسا على كرسي مقابلي وعمره تقريبا 50 عام ويتكلم العربية بطلاقة، استمر التحقيق حوالي ساعة ونصف تقريباً ثم كلبشوني وأرجعوني للحالة الأولى وأجلسوني على الحصمة في البرد لمدة ثلاثة ساعات تقريباً حتى استكملوا التحقيق مع الشخصين الآخرين. في تمام الساعة العاشرة ليلاً أرجعونا على باراكس آخر بخلاف الذي كنت أتواجد فيه ومكثت هناك تقريباً أسبوع. بتاريخ 01/01/2024 تم التحقيق معي مرة أخرى وأخذ بنفس الطريقة الأولى وكانت الساعة حينها 12 ظهراً، مكثت عارياً تماماً ومقيداً على الحصمة في البرد حتى الثانية عشر ليلاً أي 12 ساعة متواصلة، بعدها تم أخذي على غرفة ضابط المخابرات للتحقيق معي وتم ارجاعي للباركس الثاني مرة أخرى حيث وصلت الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل وأبلغوني حينها أنه سيفرج عني الليلة، بعدها بدقائق أدخلوا عليا قوة قمع وكلاب بوليسية بعد اجبارنا على الانبطاح على الأرض وأيدينا فوق رؤوسنا وكانوا يمسكونها ولم تعضنا واستمر الأمر لمدة 20 دقيقة ، مع العلم أنه طوال فترة مكوثنا في الباراكسات ال33 يوم تكرر دخول وحدات القمع واطلاق الكلاب البوليسية علينا مرة كل ثلاثة أيام. الساعة الثانية فجراً في نفس الليلة بتاريخ 13/01/2024 أخذوني أنا وعشرة أشخاص باتجاه معبر كرم أبو سالم، وصلنا الساعة السادسة صباحاً وكنا مربوطين ومعصوبي الأعين ومنحنين على الكراسي خلال نقلنا في الباص، بعد وصولنا فكوا قيودنا وأوقفونا في طابور وتم تصويرنا بكاميرات جوال، بعدها بنصف ساعة تم المناداة علينا بمايك وأخبرونا أنه بعد العدد الثالث علينا أن نقوم بالجري دون الالتفات ورائنا وإلا سيتم إطلاق النار علينا، جرينا مسافة 2 كيلو متر تقريباً، لغاية وصولنا لمكان يتواجد فيه أفراد من الصليب الأحمر ووكالة الغوث وكانوا قد جهزوا باراكسات لنا، ثم تم إدخالنا لغرف طبية للفحص والعلاج ثم أدخلونا لغرف فيها طعام وسألونا إن كنا نود الاتصال بأحد ما، ووعدونا أن يعطونا جميعاً أماكن إيواء ثم أخذونا بباصات لمعبر رفح وتركونا هناك ولم يوصلونا ولم يعطونا إيواء، قمنا بالتواصل مع عائلاتنا بمساعدة موظفي المعبر من الجانب الفلسطيني. مع العلم أنهم صادروا هواتفنا وهوياتنا الشخصية ولم يقوموا بإرجاعها لنا عند خروجنا.
بالمشاهدة الطبية:
-ندبة بشكل شبه دائري على الرسغ الأيسر بقطر 2 سم لكل منها وبلون مائل للوردي
-ثلاثة سحجات بقشرة مصلية بطول سم لكل منها على الرسغ الأيمن
-تسحج ملتئم بشكل دائري بطول 3 سم على مقدمة الكاحل الأيمن
-ندبة على الجبهة بطول سم ونصف.
إعداد:
أ.لوزان صالح
د.ثائر التلولي
أ.أمين عفانة