شهادة المواطنة عبير محمد حرب غبن (39 عاما) عزة - يت لاهيا

Content Cover

أنا المواطنة  عبير محمد حرب غبن (39 عاما) سكان  شمال غزة – بيت لاهيا – حي الأمل – بجوار مسجد البركة.

الحالة الاجتماعية متزوجة. وعدد أفراد الأسرة/ 5أفراد، 1ذكور،1اناث بالغين، 3أطفال.

حيث أنني كنت نازحة في مدرسة الفاخورة هناك من أول أيام الحرب على قطاع غزة، كون بأن منزلنا يقع بمنطقة حدودية وقريبة من الحديد ودائما ما تكون عرضة للخطر والقصف بسبب قربها على الحدود، ومن أجل سلامتنا وسلامة أطفالنا نزحنا منذ اليوم الثاني للحرب على غزة إلى مدرسة الفاخورة كونها أكثر أمنا من منزلنا وقد عشنا ظروف معيشية قاسية داخل مدرسة الفاخورة حيث لا يوجد أي فرشات وأغطية للنوم، وكننا ننام على البلاط وسط انقطاع تام للمياه وصعوبة الحصول على المياه الصالحة للشرب وصعوبة الحصول على الطعام، ومكثنا في المدرسة لمدة ثلاث أسابيع حيث قام جيش الاحتلال بقصف المدرسة مما أدى لسقوط العديد من الشهداء والجرحي، وقد استشهد تسعة أفراد من أبناء عائلتي فاستشهدت ضرتي وسلفتي وبنات وأبناء سلفتي، وعلى أثر ذلك الحدث اضطررنا إلى مغادرة المدرسة وسط أجواء من الحزن الشديد على الضحايا والشهداء، وسط خوف شديد ينتابنا لأنه لم يعد هناك أي مأوى أو مكان آمن لأننا اعتقدنا بأن المدرسة سوف تكون مكان أمن، فانتابتنا الحيرة والشك إلى أي مكان نرحل وبقينا نقف في الشارع أمام المدرسة ولا يوجد لنا أي مأوى نذهب إليه خاصة وأنني كنت برفقة أولادي الثلاثة، فقررت الخروج إلى مدرسة أبو حسين الثانوية بمنطقة جباليا ونأتوى بها ومكثنا في المدرسة مدة أسبوعين، أيضا وسط صعوبة الأوضاع المعيشية ولم يكن لدينا أي فراش أو اغطية فافترشنا الأرض ونمنا على البلاط ولم يكن هناك شيئا لنأكله وبقينا ننتظر بعض ما نحصل عليه من المساعدات لنعتاش عليه ونأكله، وبعد أسبوعين تماما تفاجأنا بصوت انفجار قوي وعنيف هز كل أرجاء المدرسة، لأتفاجأ بأن القصف داخل المدرسة نفسها، فشاهدت جثث الشهداء والجرحى ملقون على الأرض وسط بركة من الدماء كانت مشاهد قاسية ولا تمحى من الذاكرة، وسط تلك المشاهد شعرت بأن الموت أصبح قريب مني ومن أطفالي الثلاثة فكنت أقوم بدور الأم والأب لهم، فلم يبقى بحوزتي أو بمخيلتي ما استطيع فعله لأحمي أطفالي وأحمي نفسي من ويلات الحرب وأصبحت أرى بأن الموت كل يوم يقترب منا شيئا فشيئا، فقررت على الفور اللجوء والنزوح إلى منطقة جنوب وادي غزة وذلك حسب تعليمات جيش الاحتلال، فخرجت من المدرسة بصحبة أطفالي الثلاثة متجهة إلى منطقة الجنوب وكانت معظم الطريق مشيا على الأقدام وسط الخوف والرعب وصوت القذائف وصوت الانفجارات القوية بكل مكان وكنا نشاهد الدبابات بكل شارع ومفترق فكانت تملئ الطرقات وعندما نرى الدبابات كنا نبكي من شدة الخوف وما الذي يمكن أن يحدث معنا، فمشينا نصف الطريق والنصف الأخر كانت عن طريق عربة يجرها حيوان، لنصل إلى منطقة واحجز نتساريم وما يسمى بالممر الأمن كما اطلق عليه جيش الدفاع، حيث قام جندي كان موجود على الحاجز وطلب اسمي بالكامل فاخبرته بذلك ومن ثم طلب بطاقة هويتي، وطلب مني المكوث إلى منطقة خلفية للحاجز وهي منطقة مخصصة بالتفتيش وكانت مليئة بالجنود والمجندات، وطلبت مني أحدى المجندات أن أقوم بخلع ملابسي والبقاء بالملابس الداخلية، فاستجبت لهم وقمت بتعرية ملابسي وقامت احدى المجندات بتفتيشي بشكل كامل، ومن ثم طلب مني ارتداء ملابسي مرة أخرى فقامت بتعصيب عيناي بواسطة قطعة قماش سواء اللون بوضعها على عيناني، ومن ثم تم ربط يداي خلف ظهري بواسطة مرابط بلاستيكية، وتركوني للمساء داخل أرض منطقة خالية لا أعرف عنها شيئا وأنا ملقاة على ركبتي على الأرض، ومن ثم قامت ألية عسكرية( دبابة) بنقلي خارج حدود غزة ونمت ليلة داخل خيمة وسط البرد الشديد وكنت مقيدة الأيدي ومعصوبة الأعين، وعند صباح اليوم التالي قاموا بنقلي رفقة بعض الأسرى عن طريق باص مخصص لنقل الأسرى، وتم نقلنا إلى معتقل عانتوش وهو قريب من جبال القدس، وهو عبارة عن بركس مساحته تقريبا 300 متر وهو مفتوح على بعضه ومسقوف بالحديد وكان له ثلاث أبواب وكنا تسعة معتقلات داخل المعتقل كله،وكانت وجبات الطعام الثلاث هي نفسها عبارة عن خبز توست وعلبة جبنة للمعتقلات جميعا، حيث كنا نتسخدم الحمام ونحن مكلبشات ونتناول الطعام كذلك، فكان وضعنا غاية في الصعوبة داخل المعتقل، وكانت الأيام تشبه بعضها ومكررة على مدار ثمانية أيام وكانت أرضية البركس عبارة عن زفتة كزفتة الشارع وكانت مؤلمة جدا عند النوم، وكانت الدقيقة نشعر بها وكانها سنة داخل المعتقل، وكان النوم يتم على وسادة فيعة جدا(فرشة) وكأننا ننام على الأرض وكنا ننام ونحن مقيدين الأيدي بكلبشات حديدية، وعند دخولنا على غرفة التحقيق يقومون بكلبشة أقدامنا بكلبشات حديدية، وكانت غرفة التحقيق عبارة عن غرفة صفية وبها مكتب وكرسي للمحقق وأمامه جهاز لابتوب، وكرسي مخصص لنا يتم تربيطنا بالكرسي وكانت جلسة التحقيق تستمر لمدة أكثر من ساعتين وحضرت ثلاثة جلسات تحقيق على مدار ثمانية أيام وكانت جلسات التحقيق تشبه بعضها باختلاف طبيعة الأسئلة وباختلاف المحقيقين، وبعد ثمانية أيام قاموا بنقلي إلى سجن ديمون وهو عبارة عن سجن كبير ومقسم إلى غرف وكل غرفة كان بها عدد من الأسيرات، وكنا عبارة عن 12 أسيرة داخل الغرفة الواحد التي تبلغ مساحتها 20 متر مربع، وقد قاموا بهذا السجن بفك الكلبشات عن ايدينا، وكنا نعيش أوقات صعبة، حيث كان مخصص لنا فورة لمدة نصف ساعة يوميا وذلك بغرض الاستحمام أو المشي، ويرجعونا بعد ذلك إلى الغرفة المغلقة من كل الجوانب باستثناء ناذة صغيرة محاط بالشبك، وحضرت أيضا في هذا السجن جلستين تحقيق وكان الذي يقابلني ضابط تحقيق، ليتم سؤالي عن طبيعة عمل زوجي وأماكن وجود الأنفاق مع تكرار الأسئلة واختلاف الأسلوب فقط، وقاموا بعد ذلك بالافراج عني بتاريخ 17/1/2023، فقاموا بنقلنا صباحا إلى معبر كرم أبو سالم وبعدها تسلمتنا وكالة الغوث وقامن بنقلنا بباص إلى مدرسة الطائف.