* شهادة العامل ع، م (34 عام ) حي الرمال - غزة

Content Cover

عندما بدأت الحرب كنت في الداخل المحتل أعمل مع عمال اسرائيل حيث كان لدي تصريح عمل، وما إن بدأت الحرب قاموا بسحب تصاريحنا وتوجهنا نحو الضفة الغربية لأنها أكثر أمانا و تحديدا قلقيلية ومكثت هناك ثلاثة أشهر، بعدها تم اقتحام قلقيلية من الجيش الاسرائيلي بتاريخ 2 يناير 2024 في تمام الساعة الثالثة فجرا وكنا بداخل المبنى 27 عامل وفي نفس الليلة تم اعتقال معنا 17 عامل من مبنى آخر و اثنان من مبنى ثالث وأسرونا من هناك جميعا ونحن آمنين وذلك بعد أن تم تطويق قليقلية بالكامل.

 قبل خروجنا من المبنى تم تربيطنا بكلابشات حديدية ووضع العصبة على أعيننا، وبصعوبة جدا أقنعتهم بأن آخذ نظارتي الطبية معي لأنني كنت قد خضعت لعملية ليزر في وقت قريب، وقاموا بربط نظارتي بيدي ولم يسمحوا لنا بأخذ أي متعلقات شخصية وقاموا بمصادرتها جميعا، وأخذونا جميعا إلى مكان خلف سياج قلقيلية للتحقيق وتم تجريدنا من ملابسنا بالكامل بدون أي شيء يستر العورة ووضعونا بالانتظار الدور للتحقيق معنا، وقاموا بعمل حرب نفسية علينا حيث قام الضابط بأمر الجنود  بقتلنا بجميعا وبدأو باطلاق الرصاص الحي حولنا بكثافة حيث لم يتوقع أحد منا النجاة، وكنا معصوبي الأعين طوال الوقت ولم نكن نعرف الليل ولا النهار ولا الأيام سوى أننا في شهر يناير من عام 2024، ثم أخذونا بعد أيام لا أعرف عددها إلى سجن عوفر ومعنا مجموعة أخرى من الأسرى منهم من خرجوا من غزة بتصريح علاجي ومنهم مرضى سرطان وكبار سن والجميع يتم معاملته نفس المعاملة بغض النظر عن وضعه الصحي أو عمره، ووضعونا في باركسات باردة لا مقومات للحياة فيها سوى فرشة رقيقة وغطاء خفيف ثم  قاموا بعرضنا على طبيب ولكنه إجراء شكلي ولا يقوم بعمل شيء للمرضى وان كان المريض لا يعرف الدواء الذي يتناوله لا يبذلون جهدا لمعرفته أو اعادة فحصه مرة أخرى، ثم أدخلونا التحقيق وكنا معصوبي الأعين وسألونا عن هويتنا ومن نحن وعرضوا علينا صور لمناطق سكننا ومناطق أخرى ان كنا نعرفها أم لا؟ ولماذا مازلت موجودا في الضفة الغربية؟ وسألوني عن منطقة سكني بالتفصيل وسألوني ما هو تخصصي الجامعي وأخبرتهم بأني مهندس معدات طبية، وبعد أن أخبرتهم تخصصي خرج المحقق من الغرفة وانهال علي الجنود بالضرب لمدة نصف ساعة لأن تخصصي يخيفهم.

تم التحقيق معي عدة مرات أثناء فترة اعتقالي وكنا نتعرض في التحقيق لأسوأ أنواع التنكيل والشتائم المهينة والتحقيق لساعات طويلة حيث استمر تحقيق في مرة من المرات إلى ثماني ساعات متواصلة، وقاموا في مرة من المرات بتعليقي من يداي وهي مكلبشة في الهواء وتركوني معلقا لساعات، وفي مرة من مرات التحقيق أمرني المحقق بأن أجلس على كرسي وما ان جلست حتى قمت فازعا حيث وضعوا شيء على الكرسي لا أعرف ماهيته، ثم أمرني المحقق بالجلوس مرة أخرى فرفضت وانهالو علي بالضرب والتعذيب، ثم سألوني ان كنت أشعر بالبرد فأخبرتهم نعم أشعر بالبرد الشديد فقاموا بتشغيل المكيف البارد وأنا عاري بالكامل، كما أنهم كانوا يستخدمون أسلوب الحرق في التعذيب و كانوا يطفئون نار السجائر على أجسادنا، ولا يعطونا ملابس إلا عندما يريدون تصويرنا.

أصعب مواقف مررت بها هو قيام مجندات اسرائيليات بتفتيشنا ونحن عراة بالكامل، وهذا ما يحصل للأسيرات النساء الفلسطينيات واللاتي يخصعن لتفتيش عاري أيضا حيث وجدت في غرفة التفتيش التي أدخلونا بها ملابس داخلية نسائية للأسيرات كانت ملقاة على الأرض. والموقف الأصعب بالنسبة لي عندما كنت أطلب الماء كانوا يشربونني البول وليس الماء وعند رفضي الشرب يتم تشريبي اياها بالقوة وثم تغسيلي ورشي بها.

بتاريخ 19 يناير 2024 قاموا بتحقيق أخير معي  ثم أرجعونا للنظارة وجلسنا 3 ساعات ونمنا في هذه الفترة وهي الفترة الوحيدة التي نمنا فيها طوال فترة اعتقالنا، ثم قاموا بتعصيب أعيننا مجددا وكلبشتنا وتجريدنا من ملابسنا وأخذوني ومعي 55 أسير و 6 نساء أسيرات بطريق لمدة 6 ساعات إلى معبر كرم أبو سالم، ثم تم إلباسنا ونحن في الباص نفس الملابس التي اعتقلنا بها، وتم اطلاق سراحنا هناك وجعلونا نتوجه لطريق خاطئ ثم قاموا باطلاق النار علينا بعد قطعنا لمسافة طويلة، ثم غيرنا مسارنا إلى أن وجدنا الصليب الأحمر، وأخذنا الصليب الأحمر إلى مكان ل6 ساعات، ووصلنا مؤخرا إلى مدرسة تابعة لوكالة الغوث في حي الجنينة وإلى اليوم بعد مرور 3 أسابيع على اطلاق سراحي أفكر يوميا في العودة إلى الشمال حتى لو كان الثمن موتي.