نظمتها الهيئة المستقلة والإغاثة الطبية ورشة عمل تناقش واقع المنظومة الصحية في قطاع غزة وتحذيرات من انهيار شامل 

Content Cover

نظمتها الهيئة المستقلة والإغاثة الطبية

ورشة عمل تناقش واقع المنظومة الصحية في قطاع غزة وتحذيرات من انهيار شامل 

طالب حقوقيون وأطباء ومختصون بضرورة توفير حماية دولية فورية للنظام الصحي في قطاع غزة، والضغط على سلطات الاحتلال لفتح معابر قطاع غزة فورًا أمام الإمدادات الطبية، وتسهيل وصول الكوادر الطبية، في ظل التدهور غير المسبوق للمنظومة الصحية الناتج عن الاستهداف المباشر للمستشفيات والمراكز الصحية. 

جاء ذلك خلال ورشة عمل متخصصة نظمتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بالشراكة مع جمعية الإغاثة الطبية بعنوان: (واقع المنظومة الصحية في قطاع غزة: التحديات ومواجهة التداعيات)، عُقدت بالربط الإلكتروني، أدارها المحامي بهجت الحلو منسق التوعية والتدريب في الهيئة، بحضور ممثلين عن مؤسسات صحية حكومية وأهلية، ومنظمات دولية، وخبراء في مجال الصحة وحقوق الإنسان. 

وأكد المحامي جميل سرحان نائب مدير عام الهيئة المستقلة في قطاع غزة، أن النظام الصحي في القطاع يتعرض لانتهاكات خطيرة وممنهجة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يميز في استهدافه بين منشآت طبية ومدنيين، مشدداً على أن هذه الانتهاكات تُشكل جرائم حرب متكاملة الأركان، خاصة وأن القانون الدولي يكفل الحماية للمدنيين والمرافق الطبية، مؤكدًا أهمية توثيق هذه الانتهاكات لضمان العدالة للضحايا. 

وأوضح الدكتور عائد ياغي مدير جمعية الإغاثة الطبية أن النظام الصحي في غزة بات عاجزًا تمامًا عن الاستجابة لاحتياجات المرضى، واصفاً إياه بالكارثي وغير المسبوق، مشيرًا إلى أن الكوادر الطبية تعمل في ظروف غير إنسانية، وتتعامل مع أعداد هائلة من الجرحى والمرضى بإمكانيات شبه معدومة، وشدد على أهمية دعم المؤسسات الأهلية التي لعبت دورًا جوهريًا في سد الثغرات الناتجة عن تقويض النظام الصحي الرسمي. 

واستعرض الدكتور أيمن الفرا نائب مدير عام المستشفيات في قطاع غزة بالأرقام حجم الكارثة التي أصابت النظام الصحي، مشيرًا إلى تدمير 38 مستشفى، بينها 16 حكوميًا، فيما لا تعمل حاليًا سوى 7 مستشفيات بطاقة محدودة لا تتجاوز 60% من قدراتها السابقة، مشيراً إلى تراجع عدد الأسرة وتقليص غرف العمليات إلى النصف، وانخفاض كبير في خدمات العناية المركزة وغسيل الكلى، رغم ارتفاع أعداد الجرحى والمصابين، موضحاً أن المستشفيات الميدانية لا تستطيع تعويض التخصصات المفقودة، محذرًا من انهيار شامل للقطاع الصحي إذا لم يتم التدخل الفوري. 

وأكد الأستاذ رأفت المجدلاوي مدير جمعية العودة الصحية والمجتمعية أن الاحتلال يستهدف المنظومة الصحية بشكل مباشر وممنهج، سواء عبر القصف أو من خلال الحصار ومنع دخول المواد الطبية، وأشار إلى أن التعافي من هذه الكارثة الصحية قد يستغرق أكثر من خمس سنوات حتى بعد توقف العدوان، داعيًا إلى توجيه الجهود نحو توفير الأطباء المتخصصين والتجهيزات الطبية بدلاً من المستشفيات الميدانية العامة فقط. 

ومن جانبها بيّنت الدكتورة رحاب القوقا نائب رئيس برنامج الصحة في الأونروا – إقليم غزة أن الوضع الصحي في غزة ازداد سوءًا بعد قرار الاحتلال منع دخول الإمدادات الإنسانية والطبية للأونروا، مما أدى إلى نفاد 60% من الأدوية الأساسية وتدمير مخازن حساسة. كما أوضحت أن الأونروا لم تعد قادرة على تشغيل سوى 9 من أصل 22 عيادة، وانخفض عدد الفرق الطبية إلى الثلث تقريبًا، ونبّهت إلى تسجيل 71 وفاة بين النساء الحوامل نتيجة غياب الرعاية، بالإضافة إلى تراجع معدلات الفئة العمرية من الأطفال دون سن الخامسة، محذرة من أزمة ديموغرافية محتملة إذا استمر انهيار النظام الصحي. 

وفي مداخلته، أشار المستشار كريم أحمد ممثل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى أن تقارير المفوضية وثّقت أكثر من 150 هجمة إسرائيلية على منشآت ومرافق صحية في غزة منذ بداية العدوان، بينها مستشفيات ومراكز صحية حيوية، وأوضح أن هذه الهجمات تسببت في حرمان آلاف المدنيين من الرعاية الصحية والمأوى، وارتفاع معدل الوفيات نتيجة غياب الخدمات، وأكد أن ما يحدث يُعد انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، وجرائم ضد الإنسانية يجب محاسبة مرتكبيها. 

وعن دور المؤسسات الصحية الدولية، أوضح الأستاذ محمود شلبي نائب مدير منظمة تقديم العون الطبي للفلسطينيين (MAP) أن حملات المناصرة التي أطلقتها المنظمة خلال العدوان ساهمت في التأثير على الرأي العام وصناع القرار الدوليين، من خلال تسليط الضوء على معاناة النظام الصحي الفلسطيني في وسائل الإعلام العالمية، مشدداً على أهمية بناء شراكات محلية حقيقية لضمان استجابة مستدامة وشاملة، ترتكز على الاحتياجات الفعلية للقطاع الصحي في غزة. 

وخلص المشاركون إلى جملة من التوصيات العاجلة، أبرزها ضرورة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للسماح الفوري بخروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج في الخارج، إضافة إلى إقامة مستشفيات ميدانية تخصصية لسد الفجوات الخطيرة في المنظومة الصحية. مشددين على أهمية دعم المستشفيات بالأسرّة، وتفعيل غرف العناية المكثفة، وتوفير الأجهزة التشخيصية المتقدمة وابتعاث الكوادر الطبية  والاستشاريين من مختلف التخصصات إلى القطاع، مع التركيز على رعاية مرضى الكلى والسرطان. وأكدوا على ضرورة مواجهة سوء التغذية، لا سيما بين الأطفال والنساء الحوامل وذوي الإعاقة، إلى جانب تعزيز الوصول إلى الخدمات الصحية والنفسية في جميع أنحاء القطاع.  

وطالبوا بتفعيل آليات المساءلة والعدالة للضحايا، من خلال تحقيقات مستقلة وشفافة تستند إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، ودعوا إلى توسيع جهود المناصرة والإعلام لتحفيز الرأي العام ونصرة الحقوق الصحية للمواطنين في غزة. 

 

المعرض