شهادة المواطن محمد جهاد محمد مشتهى (35 عام) غزة
8 فبراير 2024

قبل أحداث السابع من أكتوبر كنت أعمل في الداخل المحتل كأي عامل اخر جاء السابع من أكتوبر وأنا في الداخل رأيت الصواريخ و تابعت الأخبار و قال لي زملائي بأن المستوطنين يقتلون أي شخص فلسطيني اختبأت أنا و زميلي من تاريخ السابع من أكتوبر الى الثاني و العشرين من أكتوبر

في يوم الثاني والعشرين من أكتوبر  الساعة الثالثة صباحا جاء الينا الجيش في المكان الذي نتواجد به , المكان كان يتكون من ثلاث غرف , فتح الجيش نيرانه عل هذه الغرف , استسلمت و سلمت نفسي في نفس لحظة دخول الجيش , تعرضت لكل أنواع الضرب و الإهانة أنا و زملائي , التعذيب استمر ما يزيد عن الساعة  من ركل بالأرجل أو الضرب بظهر السلاح الذي يحمله الجندي , تم إجباري على خلع ملابسي وترك مقتنياتي ( 4500 شيكل و هاتف سعره 1500 شيكل ) بعد خلع ملابسي تم ضربي أيضا من قبل ثلاثة جنود , كان الجنود يتحدثون معي باللغة العبرية لم أفهم عليهم أعادوا الضرب و اشاروا الى بلوزتي للبسها , لاحظت استمتاع الجنود بضرب كبار السن , كان الضرب علينا يتركز على منطقة الصدر لمحاولة تكسير عظام القفص الصدري . بعد سلسلة الضرب هذه تم تكبيلي بمربط بلاستيك و أخذي للجيب العسكري بطريقة مهينة بعدما صعدنا للجيب تم هز الجيب اكثر من مرة عانينا من نقص الأكسجين وكان المربط شديد على اليدين . وصلنا لمركز شرطة رهط خلال الطريق تمكن زميلي أحمد من فك المربط عند الوصول شاهده الجنود بدون مربط قاموا بضربه على منطقة الصدر وتعرض للإغماء فورا . خلال تلك الرحلة التي ذكرتها سابقا قام الجنود بتصويرنا فيديوهات والاستهزاء بنا وشتمنا . وصلنا لمركز الشرطة تم أخذ بيناتنا , يوجد شرطي للنداء على أسمائنا , و ثلاثة من الشرطة متواجدين عند باب الزنزانة فقط للضرب وادخالنا لداخل الزنزانة . داخل الزنزانة لا يوجد معنا ساعات لمعرفة الوقت , كنا 26 شخص في غرفة واحدة و كلنا مكبلين اليدين  بعد أربع ساعات تم تغيير ربطة  اليدين للأمام . جاء الجندي و نادى على أسمائنا تم وضع فوق المربط كلبش حديد في اليدين و القدمين . صعدنا في باص رؤوسنا في الأرض وإذا رفعنا رأسنا يتم ضربنا فورا على رؤوسنا , داخل الباص الطقس حار جدا ولم نتمكن من التنفس . مدة 4 ساعات الى حين تحرك الباص عندما تحرك دخل الينا القليل من الهواء . كان يوجد في الباص زملاء كثير مصابين إصابات بليغة منهم : غسان جنيد , ابراهيم غبون و أحمد أبو عصر . في الطريق  أحدنا رفع رأسه و قال الطريق الى رام الله فرحنا ظنن منا أنه سيتم ترحيلنا  رفع زميلنا رأسه مرة أخر و قال تعدينا رام الله و القدس و كل شيء  فجأة توقف الباص و وجدنا أنفسنا في داخل سجن  عوفر تم فك الحديد و المرابط من أجسادنا . داخل السجن  تم تعليق أرقام بأرجلنا و تم إعطائنا  بعض المقتنيات مثل :فرشة خفيفة و غطاء و 4 سجائر و فرشاية و صابونة  تفاجئنا حين دخلنا الى الداخل بوجود أعداد كبيرة من زملائنا تم سجنهم من مدة تسبقنا  رحبوا بنا و شربنا الماء بعد عطش طوال اليوم , سردنا قصتنا لهم و قالوا لنا احمدوا الله فعلوا بكم أقل بكثير مما فعلوه بنا . و فعلا الروايات داخل السجن كانت أروع و أصعب بكثير . تم فصلنا عن باقي السجناء في قطعة أرض مسيجة بها جنود ( معسكر جيش) تم أخذ أسمائنا و بيناتنا . و قالوا لنا كل شخص تم أخذ اسمه يأتي معنا  , تم إغماض أعيننا  وكل شخص منا يمسك جاكيت الشخص الذي أمامه , الى حين وصولنا للمخابرات للتحقيق  مدة المقابلة مع ضابط المخابرات كانت ساعة ونصف  يتخللها الضرب و الصراخ و الشتم .

بعد التحقيق تم أخذنا للمعسكر وضعونا في ساحة أو ملعب تم تشغيل مكبرات صوت وبدأ الجنود عن طريق المكبرات شتم أهل غزة و شتمنا نحن السجناء و يقولون أن الموت قريب منكم جدا، في إحدى جلساتنا داخل المعسكر الموجود داخل السجن ونحن مكبلين اليدين و الأعين كان الجنود يأتون و يضعون السلاح في ظهورنا و رأسنا و توقعنا الموت في أي لحظة . خلال الخمسة عشر يوما داخل السجن انتشرت فينا الأمراض و الأوبئة . كانت هناك ثلاث وجبات يوميا ولكن الكميات قليلة  وجبة الإفطار كانت عبارة عن قطعة خبز صغيرة مدهونة بالقليل من المربى  وجبة الغذاء كانت في الساعة الواحدة ظهرا وكانت عبارة عن القليل من الأرز و الطبيخ بدون خبزة أو معلقة  وجبة العشاء كانت خبزة مدهونة بالقليل من المربى . الشتاء و الأمطار و جلوسنا في العراء ساعد على انتشار الأمراض  كان يتم  إجبارنا على الوقوف في طابور لمدة طويلة ثلاثة ساعات و ثلاث مرات يوميا  خلال الطابور و من شدة الجوع تعرضت للإغماء و كان الإهمال الصحي من قبل الجنود لا يوصف . جزء منا قام بعمل اعتصام داخل السجن جاء الضابط الى الاعتصام و قال الان أستطيع أن أخرج منكم خمسين جثة أنتم لا أحد يكترث لأمركم  عندما يتم ترحيلنا من سجن لأخر مقتنياتنا تضيع حتى لو أستملتها أمس  حالتنا النفسية كانت سيئة لأن الجنود كانوا بين المدة والأخرى يأخذون عشرة من السجناء لفترة زمنية ثم السجناء يرجعوا الينا منهكين من الضرب و مغطيين بدمائهم سواء من الكلاب التي تمتلكها الشرطة أو من الضر بالحذاء الحديدي الذي يرتديه الجندي , كان يوجد بيننا سجين أعمى تم ضربه أيضا . اعتدنا على أخذ العشرات منا بين الفينة و الأخرى لكن هذه المرة أيقظني زميلي و قال لي تم أخذ ما يقارب الستين سجين  , استيقظت من النوم وانتظرنا من العشاء للصباح , تم أخذنا في باص الى مكان مجهول  تم إنزالنا على الحدود بالقرب من منطقة معبر كرم أبو سالم  , تم فك القيود منا و قال لنا الجندي معكم مسافة كيلو واحد أمان فقط  وأي شخص يقوم بلف رأسه سيتم قنصه فورا , ظننا حينها أن الحرب انتهت  , لأنه خلال فترة السجن قال لنا الجنود لن تخرجوا الى حين انتهاء الحرب . استمرينا بالمشي ولكن شاهدنا جثة متفحمة اندهشنا بعدم إسعافها الى الآن  ولكن اتضح لنا أن الحرب لم تنتهي بعد , وجدت نفسي لا أملك شيكل واحد و لا أستطيع التواصل مع أهلي لأنه تمت سرقة نقودي و هاتفي من قبل الجيش  أول مرة أشعر بشعور الفلس بأني لا أملك شيكل واحد .توجهت فورا لمدرسة دير البلح استطعت عن طريق شخص حاصل على القليل من الانترنت التواصل مع أخي المتواجد في الصين , علمت منه أن أهلي ما زالوا في الشمال هم و زوجتي استطعت  فقط جلب زوجتي من الشمال الى المدرسة . وأنا وهي و طفلتي الآن في خيمة لا تقي من برد أو مطر .